• Tounes 2201

    Extrait de mon livre "Rouge et blanc" Nous sommes en 2201, près d’un siècle après la Grande guerre qui a Read More
  • La petite rose

    La petite rosechante dans les champsun poème en prosepour qu'une brave brisevienne en courantsans lâcher prise Read More
  • Le voyage

    Je partirais volontiers loin des rivages visiter la terre à l’envers Je partirais en sage, en pèlerin Conquérir, tant soi Read More
  • 1
  • 2
This article has words
Reading time is around minutes.

مقتطف من كتابي "صفاء الروح"

بعد لحظات ، سيبدأ التصويت على القانون 606, بعد عديد المشاورات وعمليات جس النبض التي قام بها محمود رفقائه في الحزب وحتى مع نواب آخرين من المعارضة والحزب الحاكم ، كان متيقنا أن هذا القانون لن يمر فغالبية النواب تذمروا من كيفية طرحه شكلا ومضمونا ولكنهم حالما دخلوا إلى قاعة البرلمان ، تبخر الإمتعاض وأصبحوا مشرقين أمام الكاميراهات. 

وبدأ التصويت … وكانت المفاجأة لقد مر القانون بفارق أصوات قليلة وكأن معظمها تلقوا تعليمات خفية, أصيب محمود بصعقة ، لقد كان يظن أن صوته لن يكون له قيمة في النتيجة النهائية بإعتبار أن هذا القانون لن يمر بأي حال من الأحوال. لقد حسب أنه سيكون من القليلين الذين سيوافقون على مشروع القانون عدد 606. ولكن أخطأ خطءا جسيما هذه المرة …

 خرج من البرلمان بتشنج كبير ، وحالما رأى في البهو زمرة الصحفيين ، إبتسم إبتسامته الديبلوماسية المعتادة ، وإعتذر بلباقة نادرة عن إصدار أي تعليق حول القانون الذي تمت المصادقة عليه من قبل البرلمان. خرج بهدوء مصطنع من مبنى البرلمان نحو سيارته الفخمة, ركب السيارة وإنطلق بجنون نحو البحر كالمعتاد للبحث عن الهدوء المطلوب.

لقد كان ضد التصويت لهذا القانون المتخلف لكن رئيس حزبه أجبره على التصويت "مع" بالإيجاب. وذكره بخبث يكاد يخفيه أن مستقبله السياسي على المحك. وأخبره بإطناب بإيجابيات و فضاءل الإنضباط الحزبي ، وإستعرض بذكاء بالغ آفاقة السياسية الواعدة وأنه حالما يشارك الحزب في الحكومة القادمة ، سيقوم بإقتراحه للحصول على حقيبة وزارية وستكون الإنطلاقة الحقيقية لمستقبله السياسي …

إتجهت السيارة بسرعة كبيرة إلى وضوء القمر يصاحبها إلى شاطئ البحر ، على بعد كيلومترات قليلة من أركاديا العاصمة وتوقفت أمام الشاطئ الذي كان شاغرا تقريبا بإستثناء بعض الصبية الذين يلعبون بكرة صغيرة مهترئة, كان البحر هادئا كعادته في هذا التوقيت من السنة. وفي لحظة يتيمة أحس بأن مئات من العبرات إنحسرت في مقلتيه ولم يقدر على البكاء وإنطفأ الضوء الذي كان ينير عينيه السوداوين وقرر الإنتحار غرقا والتخلص من عذاب الضمير الذي أصبح يأرقه هذه الأيام, لم يستطع النوم منذ تحصل على نسخة من مشروع القانون 606.

وخرج من السيارة بهدوء كبير وإتجه إلى البحر ونزع ثيابه الخارجية بسرعة. لم يدرك ولو لبرهة الوضع المادي المريح الذي يعيشه بفتور و لاوعي كبيرين. على الأقل لن يموت من البرد فالبحر دافئ وستحتضنه المياه الزرقاء للمرة الأخيرة… دخلت ساقاه البحر بتأن وفي عينيه حزن عميق جدا ، حزن تراكم لسنين منذ قرر الإنخراط في الحياة السياسية لبلده رغم السمعة السيئة للسياسيين والعاملين في هذا الحقل المضطرب وصعب المراس والذي لا يمكن لأي شخص عادي إستساغها بسهولة … كانت أحلامه كثيرة وكان يظن أنه بإمكانه تغيير العالم بأسره ولكنه أدرك اليوم أنه كان مخطآ بل أكثر من ذلك لقد مان مغفلا والمغفلون لا يستحقون الحياة هذه الأيام…

دخل محمود البحر بهدوء كبير ,أحس بالماء البارد يجتاح جسده. كان يدرك أنه لن يموت بردا قبل أن يلفض أنفاسه الأخيرة. لكن السواد خيم على تفكيره وإرتمى في أحضان البحر الأزرق منتظرا أن يلفض نفخة الهواء الأخيرة من رئتيه وإستسلم للموت ونفد الهواء من فمه وبدأ يصارع الموت البطيء والقاسي...

 وبين الحياة والموت، أحس بيد قوية تجتذبه بقوة نحو الأعلى. ولما فتح عينيه وجد نفسه وحيدا على الرمال الذهبية في ملابسه الداخلية الباردة ، وأجال نظره في المكان بأسره ، وفي كل الإتجاهات باحثا عن المنقذ أو المنقذة المجهولة ، ولكنه لم يجد غير الصبية الذيم ما زالوا يلعبون. نهض متثاقلا وإتجه إلى سيارته التي لم تسرق بعد ، رغم تركه الباب مفتوحا والمفاتيح بداخلها. لبس ثيابه بحياء  وأدار المحرك وإنطلقت السيارة نحو منزله دون تفكير ، ثم دخل غرفته ونام نوما عميقا دون تغيير ملابسه. إستغرق في نوم لم ينمه منذ سنوات وكأن حملا ثقيلا أزيح من على كتفيه.

إستيقظ بنشاط كبير وغير معتاد ، وكعادته إتجه إلى المطبخ لإعداد فطور الصباح. فتح الثلاجة وأخرج الزبدة والجبن ووضعها على الطاولة. وإستعد لأخذ السكر من الرفوف العلوية للمطبخ ، ثم إستدار نحو الطاولة من جديد بسرعة كبيرة عندما إكتشف هذا الظرف الأبيض فوقها. إنه لا يتذكر أنه كان هناك ظرف أبيض بدون عنوان أو إسم على الطاولة البارحة. فتحه بسرعة وقرأ محتوى الورقة الموجودة فيه :

"عندما تنتهي من قراءة هذه الورقة ، إحرقها تماما وضع الرماد في حاوية المهملات وإسكب عليه الماء. أنت مراقب هاتفك مراقب وحاسوبك مراقب ، وهناك مجسات صوتية للتجسس في كال أنحاء البيت. لا تتخذ أي قرار مهم وتصرف على عادتك ولا تذكر لأحد ما حدث البارحة. سنتصل بك لاحقا. "الصقر الأحمر"".

خرج بسرعة إلى الحديقة ونظر إلى الخارج ، فلم يجد أحدا. كل شيء كان طبيعيا...

تذكر محتوى الورقة فذهب بسرعة وأضرم فيها النار بسرعة عن طريق عود ثقاب في المطبخ وسكب عليها الماء بعناية وأكمل فطور الصباح. ثم ذهب إلى الأريكة المتدلية امام باب المنزل وجلس يفكر ويرتب أفكاره المشوشة.

Comments powered by CComment